قصة تطور صواريخ المقاومة في غزة.. من “قسّام واحد” إلى J80
سخر بعض القادة والسياسيين العرب من صواريخ “القسام” و”الجهاد الإسلامي” وقوى المقاومة في غزة التي يتم إطلاقها من القطاع في اتجاه أهداف إسرائيلية، لدرجة أن وصفها رئيس السلطة الفلسطينية بأنها “صواريخ صفيح” نظرًا لأنها مصنوعة في ورش حدادة بدائية. وهناك من قال عنها إنها “صواريخ من ورق”، مجرد ألعاب في السماء لا تصيب هدفًا ولا تحقق غاية. ولكن فقط “إسرائيل” هي التي تعلم خطورة هذه الصواريخ على مدنها، وإلا ما كانت أنشأت “القبة الحديدية” التي تكلفت ملايين الدولارات لاعتراض هذه الصواريخ، وما كانت وجهت الإسرائيليين إلى النزول للمخابئ، وما كان للسياح أن يغادروا تل أبيب، أو يعدلوا وجهاتهم السياحية إلى بلدان أخرى بدلًا من إسرائيل، وما وصلت الصواريخ إلى قرب مفاعل ديمونة النووي، واخترقت العمق الإسرائيلي.
تُحقق توازن الرعب
لقد أكد مراقبون فلسطينيون أنّ إسرائيل تتخذ من تطور “صواريخ المقاومة” ذريعة لكي تشنّ حربًا على غزة، وتتمادى في عدوانها على القطاع المتواصل، ورأوا أنّ إسرائيل اتجهت نحو القوة التدميرية، بعد أن استطاعت صواريخ المقاومة أن تُحقق توازن الرعب، وتُشكل قوة ردع لإسرائيل. فيقول “أسعد أبو شرخ” أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، إن صواريخ المقاومة لا يمكن مقارنتها بما لدّى إسرائيل من صواريخ فتاكة وتدميرية، لكنه يؤكد أن قدرتها على إحداث نوع من توازن الرعب والردع، ضد الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة، دفع الإسرائيليين لاستخدام القوة المميتة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، وتابع أبو شرخ قوله: “يسمع العالم بكلمة صاروخ فيعتقد أن المقاومة بغزة تملك أسلحة تدميرية، في حين أن ما يجري هو تطور لجأ إليه الفلسطينيون، كوسيلة ردع ضد الإسرائيليين الذين يتجاهلون المتطلبات الإنسانية لقرابة مليوني مواطن، ويواصلون فرض أطول حصار عرفه التاريخ”.
تعرقل الحياة في إسرائيل
أما طلال عوكل الكاتب السياسي الفلسطيني من مدينة رام الله بالضفة الغربية، فقال إن إسرائيل تتذرع بصواريخ المقاومة التي تعتبر “بدائية” أمام شراسة أسلحتها، وضخامة ما تملكه صواريخ وطائرات حربية بمختلف أنواعها. وأضاف: “هي الآن وأمام الرأي العام العالمي تصوّر صواريخ المقاومة على أنها تعرقل الحياة في إسرائيل وتصل إلى كل بيت، وتستهدف كل شيء، وتحاول استعطاف المجتمع الدولي، لتبرير عدوانها ضد قطاع غزة”. وأكد “عوكل” على تطور صواريخ المقاومة، وتمكنها من إحداث توازن الرعب، وإجبار آلاف الإسرائيليين على الاختباء في الملاجئ، إلا أن “عوكل” شدد على أهمية تبني المقاومة لخطاب يُظهر حقيقة هذه الصواريخ، وأنها لا تُقارن بصواريخ إسرائيل الفتّاكة والتي تنال من أطفال غزة. وقال إن إسرائيل تهدف إلى الانتقام من غزة، لإعادة هيبة الردع التي تَحُول دون استمرار إطلاق صواريخ المقاومة من القطاع.
وسيلة لردع وإرهاب إسرائيل
وما تريده إسرائيل في الوقت الحالي كما يؤكد المختص بالشؤون الإسرائيلية نظير مجلي، هو تصوير صواريخ المقاومة كما لو كانت فائقة التصويب والدقة، ويتابع: “صواريخ المقاومة تطورت، وهو ما أزعج إسرائيل، وهناك إجماع على أن هذه الصواريخ استطاعت أن تُحدث الكثير من توازن الرعب، وهو ما يدفع إسرائيل في كل مرة لأن تتخذ من الصواريخ ذريعة لشن عدوانها على القطاع”، وأضاف: “المقاومة في غزة، تتخذ من الصواريخ وسيلة لردع وإرهاب إسرائيل لكي تُحقق لها حقوق ومطالب الفلسطينيين المشروعة والتي ترفض إسرائيل الالتزام بها، وتحقيق أدنى شروطها، كما أن المقاومة لا تهدف للقتل كما تفعل إسرائيل”.
ومنذ يوم الاثنين الماضي، تشن إسرائيل عملية عسكرية على قطاع غزة شملت غارات عنيفة وكثيفة على مناطق متفرقة من القطاع، ما أدى إلى تدمير 282 وحدة سكنية بشكل كلي، وتضرر 8910 وحدة أخرى بشكل جزئي، منها 260 وحدة “غير صالحة للسكن”، وفق إحصائية أولية لوزارة الأشغال العامة في الحكومة الفلسطينية، وتسببت العملية العسكرية ذاتها في مقتل 122 فلسطينيًّا وجرح 924 آخرين، في خمسة أيام، حسب الناطق باسم وزارة الصحة الفلسطينية أشرف القدرة.
أول صاروخ فلسطيني محلي
وكانت مستوطنة سديروت جنوبي إسرائيل، على موعد مع تلقي أول صاروخ فلسطيني محلي الصنع أطلقته كتائب القسام، الجناح المسلح لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، يوم الجمعة 26 أكتوبر/تشرين أول/2001، وعُرف الصاروخ باسم “قسام واحد”، ووصفت مجلة “التايم” الأميركية الشهيرة انتقال المقاومة إلى استخدام الصاروخ كسلاح بأنه “الصاروخ البدائي الذي قد يُغيّر الشرق الأوسط، وعلى نحو متسارع قامت حماس بتطوير هذا الصاروخ إلى “قسام اثنين”، واستخدمته لأول مرة في فبراير/شباط 2002، وحذت قوى المقاومة الفلسطينية حذو القسام خاصة حركة الجهاد الإسلامي في تصنيع وتطوير صواريخ المقاومة، وتمكنت المقاومة من توسيع دائرة ضرباتها الصاروخية تدريجيًّا لتغطي دائرة يبلغ نصف قطرها أكثر من 80 كيلومترًا.
صواريخ من طراز J80
وردًّا على العملية العسكرية التي تشنها إسرائيل منذ يوم الاثنين الماضي، هددت كتائب القسام بقصف البلدات الإسرائيلية بصواريخ متطورة، وهو ما فعلته عندما أعلنت، عن استخدامها “لأول مرة” لصاروخين من طراز “J80″ في قصفها لمدينة تل أبيب وسط إسرائيل، وأوضحت أنها أطلقت اسم “80J” على صاروخها الجديد “تيمنًا بالشهيد أحمد الجعبري” نائب قائد كتائب القسام، الذي اغتالته إسرائيل في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 2012، كما وأطلقت صاروخًا محليًّا مطورًا لأول مرة على “حيفا” (أكبر وأهم مدن فلسطين التاريخية) اسم R160.
منظومات الحماية الصاروخيةولاعتراض صواريخ المقاومة، قامت “إسرائيل” بنشر منظومات الحماية الصاروخية (نظام القبة الحديدية المضاد للصواريخ)، لتكون مع حلول سنة 2015 قد استكملت أكبر منظومة حماية صاروخية من نوعها في العالم، بحيث تغطي كافة الأجواء الإسرائيلية من أي هجوم بالصواريخ والقاذفات، وسيتم صرف ما بين مليارين و2.3 مليار دولار لتمويلها، وفق تأكيد قادة إسرائيليين. وبعد أن كان أقصى حد للصواريخ هو 40 أو 60 كم، باتت اليوم تهدد كل سكان إسرائيل، وفق معاهد الدراسات الغربية التي أكدت أن التوازن الاستراتيجي بين حماس وإسرائيل أصبح أمرًا واقعًا، منها الدراسة التي نشرتها الباحثة الأمريكية “مارجريت ويس” من (معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى).
للمزيد من اخبار غزة من هنا
محول الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء ركن الاسئلنة